من «ميلا» إلى «ياكيني».. لماذا اختفت رقصات النجوم الأفارقة بعد تسجيل الأهداف؟
لم تكن مناجم المواهب الكروية في أفريقيا والمستويات الفنية المذهلة للاعبي منتخبات القارة السمراء هي السر الأوحد في عشق العديد والعديد من أنصار الساحرة المستديرة للكرة الأفريقية، بل أن الكثير من الأجواء المختلفة التي تشتهر بها القارة والتي تنم على مدى بساطة شعبها وجنونه باللعبة منحت أفريقيا مذاقاً خاصاً ومختلفاً عن باقي القارات على مستوى كرة القدم.
وانبثقت ردود أفعال وتصرفات نجوم الكرة في أفريقيا على مدار التاريخ، في أوقات الفرح والحزن، الانتصار والانكسار، من نشأتهم وبيئتهم البسيطة المتواضعة، فجاءت بعض التصرفات المثيرة للجدل الممزوجة بخفة الظل والتي أضفت جمالاً على مباريات كرة القدم في القارة السمراء، ربما أشهرها احتفالات اللاعبين عقب تسجيل الأهداف والتي كانت تلقى دائماً بتسليط الأضواء عليها ومتابعة عشاق الكرة الأفريقية لها بشغف، فلازال أنصار المستديرة يتذكرون جيداً رقصة الكاميروني روجيه ميلا عقب هدفه في كولومبيا بمونديال 90، وكذلك احتفال النيجيري رشيدي ياكيني بمعانقة الشباك في كأس عالم 1994، والرقصة المثيرة للحارس الكونغولي كيديابا قائد مازيمبي السابق، والاحتفال الأكروباتي للنيجيري جوليوس أجاهوا وغيرهم من نجوم القارة السمراء، إلا أنها الظاهرة التي بدأت في الاختفاء رويداً رويداً عن ملاعب أفريقيا وأوشكت على الانقراض، حيث لم تظهر على وجه التجديد خلال النسخة الجارية من الكان في مصر إلا في مشاهد نادرة.
«المصري اليوم الرياضي» رصد آراء ووجهات نظر نجوم التحليل والنقد الإعلامي الكروي في مصر حول اختفاء ظاهرة الاختفالات الشهيرة لنجوم القارة الأفريقية مؤخراً، وبالتحديد في النسخة الجارية من الكان.
خالد بيومي
خالد بيومي المحلل الرياضي الشهير قال أن اللياقة الذهنية للعديد من لاعبي المنتخبات الأفريقية في النسخة الجارية من الكان هي السر وراء غياب ظاهرة الاحتفال والرقص المشهور عنه نجوم اللعبة في القارة السمراء، مشدداً على أن الموسم كان طويلاً وشاقاً لأغلب لاعبي المنتخبات المشاركة خاصةً من نجوم الدوريات الأوروبية.
هيثم فاروق
نجم الزمالك ومنتخب مصر السابق والمحلل الفني الحالي، قال:«الاحتفالات كانت مفتوحة بشكل عام في السابق، إلا أن الأمور اختلفت تماماً في الوقت الحالي، فكنا نشاهد من يخلع القميص ومن يصعد للمدرجات ومن يستغرق احتفاله وقتاً طويلاً ولكن الاتحاد الدولي قام بتعديل العديد من القوانين الخاصة بهذه الاحتفالات».
وتابع: «بعض الرقصات كانت تستفز المنافسين وهو ما قد يعرض اللاعبين للدخول في مناوشات ويتسبب في إثارة الطرف الآخر ومن ثم التعرض لعقوبات من قبل الحكام».
وأشار فاروق في نهاية تصريحاته إلى أن العوامل المادية والإعلانات والدعاية دخلت في احتفالات اللاعبين بشدة على المستوى القاري في الفترة الأخيرة، فالكرة بشكل عام تحولت إلى «بيزنيبس» في كل شيء وليس في الاحتفال بالأهداف فقط.
تامر بدوي
أما المحلل الرياضي تامر بدوي، فأشار إلى أن احتكاك اللاعبين الأفارقة بالدوريات الأوروبية سبباً في تغير عقلية اللاعبين الأفارقة وهو ما ظهر في العديد من الأمور التكتيكية داخل الملعب وقمصان وأطقم المنتخبات الأفريقية التي باتت تواكب وتجاري الطراز الأوروبي.
وأضاف بدوي: «المسئولون عن اللعبة في كل اتحاد محلي يحاولون عدم توصيل شعور للاعبين بوجود فوارق كبيرة بين التواجد لتمثيل منتخباتهم واللعب لأنديتهم الأوروبية الشهيرة لذلك فالأطقم والقمصان الخاصة باللاعبين يتم اختيارها بعناية شديدة لتوازي أحوال النجوم الأفارقة في أوروبا».
وأشار بدوي أيضاً إلى أن القوانين المشددة والمعدلة من قبل «فيفا» في السنوات الأخيرة قد تكون سبباً أيضاً في اختفاء احتفالات النجوم الأفارقة بالأهداف على طريقتهم المعتادة.
إسلام الشاطر
إسلام الشاطر نجم الكرة المصرية السابق والإعلامي الحالي كان له رأياً مخالفاً، حيث أكد أن طرق الاحتفال لاتزال موجودة والرقصات الأفريقية تظهر مع كل هدف يُسجل في الكان، ولكنها لا تخطف الأضواء كونها تقليدية، فلم يقدم أي لاعب رقصة مختلفة أي تقليد جديد يجذب الأنظار.
هاني حتحوت
أما الاعلامي هاني حتحوت فأكد أن تواجد اللاعبين الأفارقة في أوروبا منذ سن صغير كان له عامل كبير في تطبعهم بالحياة الأوروبية والتعايش مع عقلية جديدة مختلفة تماماً عن أفريقيا.
كما برر حتحوت الأمر أيضاً بالعولمة ومحاولة تقليد النهج الأوروبي في كل شيء، حتى في مصر اختلف الأمر تماماً وباتت طريقة الاحتفال بالأهداف على الطراز العالمي مثل كريستيانو رونالدو على سبيل المثال وغيره من النجوم.
هيثم عرابي
هيثم عرابي، مدير التسويق السابق بالأهلي، قال أن اللاعبين في أفريقيا الآن يطيرون إلى أوروبا وهم دون الـ 15 عاماً، لذلك يتطبعون بالطابع الأوروبي، مشيراً إلى أن الرقصات الأفريقية لازالت قائمة بملاعب القارة ولكن ربما لم يقم بها لاعب مشهور أو نجم تعرفه الجماهير بشدة، لذلك لم تجذب الأضواء.
تامر صقر
أما الاعلامي ومقدم البرامج تامر صقر فأكد أن أغلب الجيل الحالي من قوام المنتخبات الأفريقية تربى ونشأ في أوروبا وتأثر كثيراً بكل ما هو أوروبي.
وتابع: «الأغلبية من لاعبي منتخبات أفريقيا محترفين بالدوريات الفرنسية والإسبانية، وهم لا يقيمون كثيراً في بلادهم ربما فقط في تجمعات المنتخب ليس أكثر، وهو ما أثر كثيراً على عقليتهم عكس اللاعب العربي».
أيمن يونس
أيمن يونس فيلسوف التحليل ونجم الكرة المصرية السابق، قال أن التوتر الواقع على اللاعبين والذي طرأ فجأة عن اللاعب الأفريقي خلال المشاركة مع منتخب بلاده هو سبب في اختفاء ظاهرة الرقص بعد تسجيل الأهداف على الطريقة الأفريقية.
وبرر يونس اختفاء الظاهرة بالضغوط النفسية التي تسود جميع المنتخبات مشيراً إلى ارتباط المادة والأمور المالية بتحقيق اللاعب للانتصار واختلفت العقلية تماماً بعد ذهابه لأوروبا.
وتابع: «في السابق نشاهد رقص الأفارقة مع التسجيل في الدقائق الأولى إلا أن الاختفالات جميعها تأجلت لما بعد المباريات ولم يعد اللاعب الأفريقي يلعب لـ»الشو«فقط، فبات بعقلية محترفة ومختلفة، وبالفعل نفتقد كثيراً لرقصات نجوم القارة السمراء وخفة ظلها وإثارتها».
حاتم بطيشة
المعلق الرياضي حاتم بطيشة وضع عدة عوامل في اختفاء ظاهرة احتفالات نجوم القارة السمراء بالأهداف مما كان عليه الأمر في السابق، أولها ارتفاع درجة الحرارة وإقامة النسخة الحالية لأمم أفريقيا في فصل الصيف وهو الأمر الذي أضر كثيراً بالبطولة على المستوى الفني والبدني، مشدداً أنه واحد من أسوء القرارات التي اتخذها الاتحاد الأفريقي «كاف».
كما أرجع بطيشة السبب وراء غياب اتباع اللاعبين رقصاتهم الشهيرة في الكان إلى أن أغلب المنتخبات لم تصل للياقتها الذهنية والفنية بعد خلال النسخة الجارية بعد موسم شاق في الدوريات المحلية والأوروبية، وفترة إعداد قصيرة قبل خوض مسابقة قارية كبيرة، فجميعها عوامل من الصعب للغاية أن تمنح اللاعبين ذهناً صافياً لتقديم أي شيء مميز يذكر.
أيمن الكاشف
أما المعلق الكروي أيمن الكاشف فأكد أن الاحتراف والاحتكاك بأوروبا هو سبباً في تغير عقلية اللاعبين الأفارقة، مشيراً إلى أنه يفتقد رقصات نجوم القارة، معرباً عن عشقه لرقصة روجيه ميلا واعتبارها الأفضل في تاريخ الكرة في القارة السمراء.
أحمد عفيفي
المحلل الرياضي أحمد عفيفي والمتحدث الرسمي باسم نادي بيراميدز، قال: «الأمر كله يتعلق بجانب الثقافة، فأغلب لاعبي منتخبات القارة الأفريقية في الوقت الحالي عاشوا وتربوا في أوروبا، وبالتالي تأثروا كثيراً بكل ما هو أوروبي».
وتابع عفيفي: «على سبيل المثال أغلب لاعبي المغرب العربي يتحدثون الفرنسية فقط ولا يجيدون العربية، حتى المدير الفني للجزائر جمال بلماضي».
وأضاف: «كذلك ساديو ماني نجم السنغال جاءت تصريحاته على الطراز الأوروبي لا تعرف العاطفة ولا تحمل الاندفاع والتهور، وذلك تأثراً بالمناخ الأوروبي الذي يعيش به».