بعد أكثر من عقد من الزمن أمضاها المدرب الفرنسي هيرفي رينارد، في أدغال القارة الأفريقية، بقيادته الناجحة لمنتخبات زامبيا وكوت ديفوار والمغرب سواء بنيل لقب أفريقيا أو التأهل لكأس العالم، حزم المدرب حقائبه وقرر تغيير الأجواء ليطير نحو قارة آسيا، حيث قبل عرض الاتحاد السعودي.
أجرى المدرب ذو الحادية والخمسين من العمر، حوار مطول مع الموقع الرسمي للاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا»، تناول فيه العديد من الأمور المهمة، فطرح أفكاره وأهدافه التي يريدها مع السعودية، كما عاد بالذاكرة لعمله وما حققه في أفريقيا وبيّن أهم الأسباب التي يعوّل عليها في توثيق علاقته باللاعبين أينما حل وارتحل.
وقال رينارد، عن مشواره الطويل في أفريقيا، وانتقاله إلى قارة آسيا وتدريب السعودية: «إنها سُنة الحياة، وأنا لديّ إيمان بضرورة خوض تجارب جديدة والبحث عن النجاح. نعم، لقد عملت لأكثر من عقد في أفريقيا، وأعتقد أنني حققت النجاح المأمول ولذلك من المهم بالنسبة لي أن أقوم بالتغيير. لكن رغبتي كانت بالبقاء في ذات الإطار وهو العمل مع المنتخبات الوطنية، وقد وصلني عرض الاتحاد السعودي وقدموا لي فرصة قيادة المنتخب الوطني، أنا أعرف من هو المنتخب السعودي، لقد خاضوا آخر نسخة من كأس العالم في روسيا 2018، وأعلم أنهم من عمالقة القارة الآسيوية ولا يمكن أن ترفض هذا العرض المناسب، فهي دولة كبيرة في عالم كرة القدم. أعتقد أننا إذا عملنا بجهد كبير سوف نصل للنجاحات التي نريدها».
وأضاف المدرب الفرنسي، ردًا على سؤال حول أهدافه مع المنتخب السعودي: «بدأنا التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس العالم 2022 وكأس آسيا 2023، وهدفنا الأول أن ننهي المجموعة الرابعة ونحن في المركز الأول، لضمان التأهل للدور النهائي من التصفيات العام المقبل. كما لدينا هدف آخر وهو تجديد دماء الفريق ولكن نقوم بهذا الأمر خطوة بخطوة. في السعودية هناك مواهب فذة وصاعدة يجب أن تحصل على الفرصة وقد توّج منتخب الشباب بلقب كأس آسيا 2018 وخاضوا كأس العالم تحت 20 سنة في بولندا هذا العام، لذلك نحرص على ضم اللاعبين الشباب للفريق ونأمل أن نمنحهم الخبرة ونجعل فريقنا يمتلك العديد من اللاعبين الشباب لتأمين مستقبل المنتخب على مدى السنوات المقبلة».
وأكمل: :«لا أحب أن أطلق الوعود الرنانة، لكن أتيت إلى السعودية بهدف كبير وهو التأهل لكأس العالم 2022، وما أقوله للجمهور أننا نريد أن نحقق هذا الهدف ومن أجل ذلك سنبذل الغالي والنفيس، سنقوم بتطوير أنفسنا ونقوم بمباريات قوية، ونأمل أن نكون معا عندما نحقق هذا الهدف. دوماً عندما أبدأ عملي مع أي منتخب اقول للاعبين بأنكم هنا ليس للحصول على نفس الإمتيازات التي تحصلون عليها مع النادي، بل أنت هنا لتحصل على شرف اللعب بقميص المنتخب الوطني وتمثيل البلاد افضل ما يكون أدعو الجميع لنكون متحدين خلف هدفنا المنشود».
وتحدث رينارد عن تجربته مع منتخب زامبيا، قائلًا: «عندما عملت مع منتخب زامبيا كان الفريق يتصف بكونه يجمع لاعبين شباب لديهم الرغبة في العمل، يمكنني القول أنهم كانوا مثقفين كروياً والشعور بيننا كان ممتازاً. عندما كنت أقول شيئاً كانوا يريدون تنفيذه بحذافيره، كنا نريد أن نذهب للمنافسة وليس لإثبات أنفسنا فقط. في بطولة أفريقيا 2010 بلغنا ربع النهائي للمرة الأولى بعد غياب 14 عاما عن هذا الدور، كان العمل مهماً لنبني عليه في النسخة التالية في 2012، أعتقد أنها كانت بطولة مذهلة (يبتسم). قدّمنا مباريات قوية وفي كل مباراة كانت تسنح لنا فرصة الفوز ونقوم باستغلالها وهكذا حتى بلغنا النهائي، وهناك كانوا اللاعبين على قدر المسؤولية واستغلوا الفرصة التاريخية وحققوا اللقب أمام كوت ديفوار. كانت بطولة ممتازة، رغم أن الكثيرين قالوا بأنها ضربة حظ ليس إلا».
وعن تحقيقه أمرا فريدا بالفوز مع كوت ديفوار باللقب عام 2015، حيث لم يسبق أن حقق أي مدرب لقبين مع منتخبين مختلفين، قال: «عندما تحقّق اللقب مرة تريد أن تتذوق حلاوته من جديد، بعد ثلاثة أعوام عدت لبطولة أفريقيا لكن رفقة كوت ديفوار، ذهبنا لنسخة 2015 من أجل اللقب فقد كان الفريق يزخر باللاعبين المميزين، كانت علاقتنا قوية وكنت أثق بهم لأقصى درجة، عندها يُمكن أن تحصل على النجاحات مهما بدت صعبة».
وتابع: «وصلنا النهائي واستمر التعادل أمام غانا وحانت لحظات ركلات الترجيح، ضاعت أول ركلتين ولكني كنت أعرف أن الأمر لم ينتهي بعد، كان اللاعبون راغبين بفعل المستحيل وانتزاع اللقب بعد أن ضاع منهم في مرتين سابقتين، أتذكر يحيى وكولو توريه عندما قالوا أن هذه اللحظة هي الأفضل طوال مسيرتنا. كانوا يعلمون أهمية التتويج بالقميص الوطني رغم أنهم توجوا بالعديد من البطولات رفقة أنديتهم في أوروبا».
واختتم هيرفي رينارد حواره بالحديث عن تجربته مع منتخب المغرب وتحقيق التأهل لكأس العالم بعد غياب دام 20 عاماً، معلقًا: «أعتقد أنها مميزة، كان أمامنا بعض الأهداف، وحقّقنا أهمها بالتأهل لكأس العالم في روسيا 2018. قدّمنا مباريات رائعة ولم تنصفنا كرة القدم بالحصول على النتائج رغم اننا لعبنا أفضل من منافسينا. على الصعيد الشخصي كانت علاقتي باللاعبين ممتازة، كانت روح الفريق متوفرة بين الجميع، في فترة التجمعات الدولية كان اللاعبون المصابين يريدون القدوم والبقاء مع الفريق في المعسكر، كنت سعيداً جداً بتلك الروح والأجواء».