بوكتينيو ..حماس كلوب وعبقرية جوارديولا.. لكن التاريخ تصنعه «انتهازيه مورينيو»
هل تعرف يا بوكيتينو.. النهايات الحزينة يوماً ما كانت لبدايات سعيدة؟ هذا ما حدث بعد نهائي دوري الأبطال أمام ليفربول كنت أشعر بأن الأوان قد آن لملامسة المجد، بعد رحلة عادية مهمشه رغم كل ما صنعته لكن ذلك لم يحدث، وقتها بكيت كثيراً في قرارة نفسي تسائلت هل استمر مع توتنهام أم آن الأوان لتجربة جديدة؟
لم أكن ذكياً أو ربما كنت عاطفياً بشكل لا يناسب مادية الكرة، يا بوكتينيو اليوم تدفع ذلك الثمن، ترحل بعد كل ما فعلت حزيناً ربما لكنها بداية لعالم جديد صنعته بنفسي وسأستمر في صناعته، اليوم ليس قبل 5 سنوات أن الأن بين الأفضل في العالم.
إلى ريال مدريد أو بايرن ميونخ، ربما لم يكن بوكتينيو ذكياً، لكن تلميذ بيلسا، كان يأمل في أن يقوده عقله للاستكمال المجد مع الفريق الذي صنع، كان لاعباً عادياً بمسيرة احترافيه ودولية عادية لكنه يأمل بألا يكون مدرباً عادياً يسير على خطى العبقري الأرجنيتيني بيلسا لكن محققاً نجاحات كثيرة، وهو ما لم يتحقق.
4 أعوام 293 مباراة في مختلف البطولات، حقق الفوز في 160 مباراة، تعادل في 60 والخسارة في 73 مباراة أخرى، بات خلالها توتنهام قوياً ومنافساً شرساً تركة بها العديد من أفضل اللاعبين في العالم، كين وينكس وآلي وروز وإريكسن صار قوام المنتخب الإنجليزي من توتنهام فجأة صار الرجل الذي تولى فريقاً عادياً مطالبا بتحقيق الدوري الإنجليزي ودوري الأبطال بعد أن كان كل أحلام ليفي رئيس النادي وجماهيره المركز الرابع.
أحياناً يكون النجاح لعنه، خاصة لو كانت إنتهازية البعض تحاصرك وهو ما حدث في إقالة بوكتينيو واستقدام مورينيو في أقل من 24 ساعة.
بوكتينيو.. تذكرة قطار واحدة من إسبانيول للسان ماميس
كيف كانت الحياة حين وصلت إلى سان ماميس، يا بوكي، 2014 الحياة هادئة تماماً الجماهير قلقة تخشى الهبوط من جديد، كما تخشى من تجربة المدرب الأرجنتيني الذي ينحصر تاريخه مع إسبانيول لاعباً ومدرباً.
ربما قال بوكتينيو والجماهير أيضاً حين وصل إنجلترا.. يا إلهي هل أذهب للإنجليزي بينما تدور في رأس كلاهما ركلة الجزاء الشهيرة التي ارتكبها في حق مايكل أوين حين تواجهت الأرجنتين وإنجلترا في كأس العالم، هذه الركلة أطاحت بالأرجنتين وصعدت بالإنجليز يا لها من ذكرة سيئة.
في السان ماميس، حقق بوكتينيو أحلام لم تكن على بال جماهير الفريق الضعيف، ساوثامبتون هبط إلى الدرجة الثانية في 2004-2005، وبعد تخبط قاده للدرجة الثالثة عاد أخيراً إلى الأضواء في 2012-2013، بعد موسم واحد أنهاه الفريق في المركز الرابع عشر أتى بوتشيتينو ليحقق أفضل مركز للفريق في حقبة البريميرليغ (بالتساوي مع 2002-2003) حين أنهى الدوري في المركز الثامن بـ56 نقطة، وهو بالمناسبة الرقم القياسي للقديسين في عدد النقاط آنذاك.
في موسم واحد أعلن بوكتينيو أننا اليوم أمام مدرب مختلف يدرب فريق صغير لكنه مدرب بعقلية كبيرة، يدرك قيمة التمريرة والضغط وبناء الهجمات، يشبه جورديولا في عبقريته وكلوب في حماسه أيضاً، هذه الانطلاقة منحت بوكتينيو تجربة جديدة ربما بسببها ورغم قسوة الظروف هو الأن الاسم الكبير في عالم التدريب الذي تتهافت عليه اندية بايرن ميونخ وريال مدريد ومانشستر يونايتد حتى لو كان رحيله من توتنهام بهذه الطريقة.
لكن ما الذي فعله كوتينيو في فترته مع توتنهام؟ بوكتيينو ربما المدرب الوحيد في العالم الذي يلا يأتي له صفقات في موسمه الأول لم يجري أي صفقة لكنه أعلن عن نفسه بقوة بثلاثية أسقطت مانشستر يونايتد وغريمة الجديد مورينيو، في فترة قليلة جداً أصبح الأرجنتيني يملك أفضل نسبة فوز بين جميع مدربي سبرز منذ فرانك بريتيل في (1898-1899) بـ124 انتصاراً و50 تعادلاً في 221 مباراة، 14 مباراة بلا هزيمة في البريميرليغ بين ديسمبر 2017 وابريل 2018 عادل بها الرقم القياسي للنادي وهو أول مدرب في تاريخ توتنهام لا يخسر أول 5 مباريات له ضد الغريم آرسنال في الدوري، كما كان المدرب الوحيد الذي يُنهي في مركز يسبق الغانرز في الترتيب لأول مرة طوال حقبة آرسين فينغر في 2016-2017 بعد 22 عاماً من الانتظار، ليكررها في الموسم التالي ويصبح أول من ينهي بتوتنهام مرتين على التوالي فوق آرسنال منذ عام 1983.
بوكتينيو الذي يشبه كلوب.
في مسيرة بوكتينيو وكلوب فقط ربما قد تسمع عن أسماء قبلهم لم تكن شئ وبعدهم كانت كل شئ، في إسبانيول وفي ساوثمهابتون، وتوتنهام على سبيل المثال مجموعة كبيرة من اللاعبين لم تكن معروفة على الإطلاق، مثلاُ ريكي لامبارت وآدم لالانا وجاري رودريجز ولوك شو، أسماء لعبت لمانشستر وليفربول ولمنتخب إنجلترا بفضل هذا الرجل في توتنهام أيضاً هاري كين وديلي آلي وكايل ووكور وداني روز وسون الكوري، وغيرها من الأسماء قبل الرجل لم تكن شئ، لكنه صنع منهم نجوماً كباراً.
»أعتقد أن دانييل ليفي كان يحاول إعادة تغيير الفريق، بوكيتينو حينما وصل إلى توتنام لم يكن سعيدا بما شاهده وحاول إعادة بناء الفريق من كل الجوانب، بإمكاننا ملاحظة تواجد عناصر جديدة مثل بين دافيز وإريك لاميلا وإريك داير وديلي ألي وهيونج سون مين وهاري كين، منذ عام كان هناك كريج داوسون وآرون لينون وباولينيو وموسى ديمبيلي وروبيرتو سولدادو وإيمانويل أديبايور، متوسط الأعمار تحول من 26.2 إلى 23.6، أصبح الأصغر في الدوري لم يحول التشكيل فقط بل غير الثقافة، إنه يحاول تغيير كل شيء، حتى أن الفريق أقال فرانكو بالديني من أجل بدء صفحة جديدة».
جاري نيفيل عن المدرب الأرجنتيني
نجح بوكتينيو في خلق جيل لتوتنهام قوي ينافس ويصل إلى نهائي دوري أبطال أوروبا ويحصد ثاني الدوري الإنجليزي، ويخلق لاعبين يريدهم ريال مدريد وبرشلونة ومانشستر يونايتد مع إدارة بخيلة، لا تنفق على الفريق لم يتعاقد مع أي صفقات باستثناء القليل والقليل جداً، بينما يستغل هو ما يتاح له من إمكانات، أصبح لتوتنهام شخصية، يلعب على الأرض ويضغط ويمرر يهتم بكل تفصيله في الملعب، وفور الحصول على الكرة ينتقل توتنام إلى منطقة جزاء الخصم سواء من الخلف أو العمق عن طريق صانع اللعب أو كما حاليا ثنائي صناعة اللعب، وبدل طريقته من اللعب بأربعة مدافعين في الخط الخلفي إلى 3، بجانب تطويره منظومة الشباب.
«ما أحاول أن أجعل لاعبي يفعلونه هو أن نستمتع بكل ما نفعله في كل حصة تدريبية وفي كل مباراة وطوال الوقت، حينما نبدأ في لعب كرة القدم فعلينا أن نظهر عواطفنا وأن نؤدي بشغف».
موريسيو بوكتينيو.
ما فعله الرجل هو ما فعله الثنائي كلوب وجورديولا كرة جميلة وصناعة أجيال من لاعبين ربما كانوا أقل إمكانيات قبل أن يأتي آمن بهم أضف لذلك ما قدمه من كرة قدم هل يمكن أن تصدق أن توتنهام الأقل من أرسنال وتشيلسي وليفربول وريال مدريد وبرشلونة ويوفنتوس منافس قوي في دوري الأبطال يلعب النهائي ويحصد المركز الثاني في الدوري الإنجليزي، كيف تحول فريق كل طموحه رابع الدوري واللعب في دوري الأبطال إلى ذلك العملاق الذي يهزم كلوب وجورديولا ويلعب نهائي دوري الأبطال، ليأتي اليوم الذي يتمنى مورينيو بكل عجرفته وغرورة ويحلم بأن يخلف من صنع كل هذا المجد؟
سأكون ممتنًا لك دائمًا لأنك ساعدتني على تحقيق أحلامي، حظينا بلحظات مدهشة خلال الأعوام الخمسة ونصف العام، لن أنساها أبدًا، كنت مدربي، وصديقي أيضًا… أشكرك على تلك العلاقة، أتمنى لك حظًا طيبًا في خطواتك المقبلة.
هاري كين مهاجم توتنهام والمنتخب الإنجليزي
مورينيو.. الانتهازية تصنع المجد أحيانا
يجيد مورينيو دائماً القفز على عمل الآخرين هذا تحديداً ما يمكن قوله عن مسيرته في تشيلسي قفز على سنوات عمل رانييري بمزيد من الإضافات التي صنعتها أموال إبراموفيتش الكثيرة، ثم في الإنتر قفز على مسيرة ذهبية لمانشيني حقق خلالها الدوري الإيطالي ثلاث مرات متتالية وصنع فريقاً قوياً، وفي مانشستر يونايتد بذل فان جال جهداً كبيراً ثم جاء مورينيو ليخلفه جميعهم انتقدوا «سبشيال وان» بسبب ما يفعل.
ما أقوله لا يعني أن مورينيو مدرب سئ، فعلى الإطلاق هو أحد أفضل المدربين في التاريخ لكنه يجيد الاختيار وتوقيته خالي من المشاعر تماماً، وأيضاً لا يهتم بما يقال، توتنهام اليوم بات فريقاً ذهبياً بمزيد من الإضافات لو أنفقت الإدارة قد يحقق الكثير ثم حتى لو لم يحقق ووصل إلى المركز الثاني مثلاُ هذا سيكون جيد لعقلية النادي.
في مانشستر يونايتد، صرح مورينيو بأن تحقيق المركز الثاني أكبر إنجاز له، ربما يتحدث بشكل صحيح في ظل الأسماء الموجودة في اليونايتد لكن في توتنهام هل يملك القدرة على قول ذلك؟
قبل أيام قليلة كان البرتغالي متأثراً بشده يرغب في العودة إلى التدريب لم يفاوضه أي نادي باستثناء ليون ارتبط اسمه ببروسيا درتموند وريال مدريد وبايرن ميونخ والأرسنال لكنه على أرض الواقع لا أحد لا أحد للاستثنائي غير ليون، كل ذلك مدعوماً بتاريخ ملئ بالألقاب هو صاحب الفضل أيضاً في حصوله على 15 مليون ضعف ما كان يحصل عليه بوكتينيو.
بوكتينيو.. التاريخ يصنعه الانتهازيون.
لم يملك الإنتهازية اللازمة ليختار كان من الممكن أن يكون في مانشستر يونايتد أو يوفنتوس أو ريال مدريد، لكنه كان يخطط لإمبراطورية في توتنهام ذلك هو الفارق بين العاطفة والإنتهازية، التاريخ قاسي والأرقام أكثر قسوة أيضاً، كل من سيتحدث سيقول «الأرجنتيني لم يحصل على الألقاب» دون أن يتذكر أحدهم أن توتنهام لم يكن كما كان قبل بوكتينيو.
4 سنوات لم ينفق النادي إلا القليل أنشغل ببناء النادي الجديد والأرباح القادمة من دوري الأبطال والدوري الإنجليزي كل ذلك كان بسبب بوكتينيو لكن في النهاية المجد تصنعه إنتهازية مورينيو لا عبقرية جورديولا وكلوب متمثلة في ماوريسيو بوكوتينيو.