«عبقرية بلا ألقاب».. من هو مارسيلو بيلسا الذي أحرج كلوب ورفاقه؟
في الظهور الأول لفريق ليدز يونايتد منذ 16 عاما في الدوري الإنجليزي الممتاز «بريميرليج»، تحت قيادة المدرب الأرجنتيني مارسيلو بيلسا، استطاع أن يحرج حامل اللقب، ليفربول في ملعب أنفيلد، بأداء للفريق الصاعد حديثا وحامل لقب دوري الدرجة الأولي «تشامبيونشيب»، اكتسب احترام الجميع.
رغم خسارته للمباراة الافتتاحية له بالدوري بطريقة أحرجت حامل اللقب بعد حسم المباراة بشق الأنفس في الدقائق الأخيرة من المباراة الدقيقة (88)، بفضل هدف محمد صلاح، لتنتهي المباراة 4-3.
ويرجع الفضل للشكل الذي ظهر به ليدز لمدرب الفريق، بيلسا والمعروف بعبقريته الخططية، وهو نفس المدرب الذي صرح يورجن كلوب المدير الفني لفريق ليفربول قبل المباراة أنه يسعى لأن يقابله قبيل لقاء الفريقين في افتتاح الموسم الجديد من المسابقة.
وقبل يوم من بدء الدوري الإنجليزي أعلن نادي ليدز يونايتد تجديد تعاقده مع المدرب الأرجنتيني مارسيلو بيلسا لمدة عام إضافي حتى 2020/21.
الملفت في الأمر أن مسيرة بيلسا التدريبية، ونجاحاته لا تتناسب مع حجم التقدير الذي يناله في الأوساط الرياضية، حيث لم تشهد مسيرته حصد أي بطولة كبيرة سواء مع الأندية أو المنتخبات التي دربها.
سوى الميدالية الذهبية مع منتخب الأرجنتين في أوليمبياد أثينا 2004، والفوز بالمركز الأول في دوري الدرجة الاولي الإنجليزي التشامبيونشيب الموسم الماضي.
بيلسا الذي يبلغ من العمر 65 عام، لم تشهد مسيرته الكروية توهج ملحوظ كلاعب حيث كان يلعب كمدافع في الفرق الأرجنتينية فترة السبعينات، واستهل مسيرته التدريبية مطلع الثمانينيات بتدريب فرق أرجنتينية ومكسيكية عديدة حتي اتيحت له فرصة تدريب فريق إسبانيول عام 1998، سرعان ما غادر الفريق ليتولى قيادة التانجو.
تعد مسيرة بيلسا مع المنتخبات مقبولة نوعا ما حيث أنه درب المنتخب الأرجنتيني ستة سنوات من 1998-2004، ودرب منتخب تشيلي لأربع سنوات من 2007-2011، ورغم ذلك لم يفز بأي بطولة كبرى مع المنتخبين، سوى الفوز بميدالية ذهبية في أوليمبياد أثينا 2004.
ورغم ذلك يعد بيلسا هو الأب الروحي للعديد من المدربي الصف الأول حاليا، مثل بيب جوارديولا، ماوريسيو بوتشيتينو، ودييجو سيميوني.
خلال مسيرة استمرت لأربعين عام في التدريب لم يتسنى للمدرب الأرجنتيني المخضرم أن درب فرق أوروبية كبري، حيث اقتصرت مسيرته على تدريب فرق تعد صف ثان في أوروبا، مثل أتلتيك بيلباو في الفترة (2011-2013)، وحقق معه بعض النجاحات نوعا ما كالوصول لنهائي الدوري الأوروبي وكأس ملك اسبانيا، ونادي مارسيليا الفرنسي في الفترة من 2014-2015، ويرجع ذلك لشخصيته العنيدة الصارمة والتي دائما ما تصطدم مع الإدارات.
ففي 6 يوليو 2016، تم تعيين بيلسا مديرًا لنادي لاتسيو الإيطالي، وبعد يومين فقط، في 8 يوليو، استقال بيلسا من منصب مدير النادي مما دفع لاتسيو إلى اتخاذ إجراء قانوني ضد بيلسا لخرقه العقد، ومقاضاته مقابل 50 مليون يورو، أوضح بيلسا لاحقًا أن النادي لم يكن قادرًا على شراء اللاعبين الذين أرادهم بحلول الموعد النهائي الذي منحه للنادي.
الأمر تكرر لكن بصورة مختلفة مع فريق ليل الفرنسي حين تولى تدريبية في 2017، ولم يستغرق سوى ستة أشهر حتى يرحل من الفريق بعد طلبة مغادرة اللاعبين الكبار واستقدام لاعبين شباب الأمر الذي عجل برحيله من الفريق.
وفي يونيو 2018، تم تعيينه مديرًا فنياً لنادي ليدز يونايتد، وبعد موسمين استطاع أن يعبر بالفريق الإنجليزي العريق إلى الدوري الإنجليزي الممتاز في عام 2020 بعد غياب 16 عامًا.
وليقدم في أول مباراة له في الدوري الإنجليزي بعد العودة أداء جيد أمام حامل اللقب ليفربول.
مدرسته التدريبية
إذا كانت مسيرة بيلسا كما رصدنا كمدرب مسيرة عادية فلما يحظى بكل تلك الضجة حوله؟
الأمر مرتبط بأفكاره الثورية، وأساليبة التدريية المبتكرة التي ألهمت العديد من المدربين الذين لحقوا به في فلسفته.
ويعد بيلسا رائد مدرسة الضغط والاستحواذ في كرة القدم ومن المعروف عن بيلسا أنه يهتم بالتفاصيل الخططية في الملعب، حاله حال جوارديولا، فإنه لا يترك شيء لصدفة، وتعد أبرز مقولاته التي تبروز هذه الفكرة هو قوله «إذا لم يكن اللاعبون بشرًا، فلن أخسر أبدًا».
وهو من رواد مدرسة الضغط للحصول على الكرة من الخصم حيث تقوم فلسفته كما قال على أنه حين «يمتلك الخصم الكرة، يضغط الفريق بأكمله، لقطع اللعب في أقرب وقت ممكن»، «وحين نحصل على الكرة نتطلع إلى اللعب بالديناميكية وخلق مساحات».
ويعتبر بيلسا نفسه أنه مهووس بالهجوم في كرة القدم حيث يقول «الهجوم هو أبسط طريقة للنجاح والفوز في كرة القدم».
تأثيره على المدربين
و يحظى الأرجنتيني باحترام واسع بين الجيل الجديد من مدربي كرة القدم، وإذا كان بيب جوارديولا يلقب بالفليلسوف بإن بيلسا يعد أستاذ الفيلسوف، يعتبر جوارديولا بيلسا هو استاذه في التدريب، ويصفه جوارديولا بأنه أفضل مدرب في العالم، لقد ساعدني كثيرا بنصيحته. كلما تحدثت معه أشعر دائمًا أنه يريد مساعدتي.
وقال عنه ماوريسيو بوتشيتينو مدرب توتنهام السابق «إنه مثل والدي في كرة القدم. نحن جيل من المدربين الذين كنا تلاميذه، أعتقد أننا جميعًا أخذنا منه كيف يشعر بكرة القدم وشغفه بكرة القدم».
وأشاد الهولندي يوهان كرويف أسطورة برشلونة وأياكس السابق بأداء منتخب تشيلي تحت قيادة بيلسا عام 2010، قائلا إن منتخب تشيلي لعب أكثر كرة جاذبية في كأس العالم.
تأثير بيلسا لا يقف فقط عند المدربيين ذوي النزعة الهجومية أمثال جوارديولا وبوتشيتينو بل تأثيره يمتد ليشمل مدربين ليسوا من مدرسة بيلسا مثل الأرجنتيني دييجو سيميوني، الذي يصنف كأحد أبرز المدربين الدفاعيين في العالم، رغم ذلك أقر سيميوني بأنه تأثر ببيلسا قائلا «لقد علمني أكثر من غيره». ويرجع ذلك لأن بيلسا له تأثير على المدربين الأرجنتينيين بمختلف مدارسهم التكتيكية.
ولا يتمتع بيلسا باحترام بين أوساط المدربين فحسب بل كما قال جوارديولا أنه لم يرى لاعب تدرب مع بيلسا تحدث عنه بشكل سئ، بيلسا يجعل اللاعبين دائما أفضل.
أليكسيس سانشيز لاعب تشيلي والذي تدرب مع بيلسا عندما كان شابا في منتخب بلاده، قال عنه «لقد تعلمت الكثير منه وبفضله أصبحت ما أنا عليه الآن، أكثر شيء أتذكره عن بيلسا هو العقلية التي يحاول أن يعطيها للاعبيه».