أتشيربي وميلانو.. النجاة من الاكتئاب والانتصار على السرطان وتحقيق أمنية الأب

0

لا يتعلق الأمر فقط بخوض 90 دقيقة وتسجيل الأهداف، لكن دائمًا ما تكون للقصة وجه مظلم وتفاصيل لا نعرف عنها شيئًا.

فبين الحين والآخر، تبرز قصة في عالم الساحرة المستديرة تكون كنقطة مضيئة وسط نفق مظلم، ودائمًا ما تكون تلك القصة عن نادٍ يتغلب على الصعاب في دوري بلده، أو تمثيل مشرف لمنتخب ضعيف في كأس العالم.

- الإعلانات -

لكن هناك بعض القصص التي تفوق كل تلك الأمثلة والتي تعد شاهدًا على قوة الإرادة، ومصدرًا للإلهام في الأوقات الصعبة، ومن بين هؤلاء الدولي الإيطالي فرانشيسكو أتشيربي، قلب دفاع إنتر ميلان، الذي قاوم الاكتئاب السرطان في مناسبتين.

- الإعلانات -

أتشيربي الذي باغته المرض الخبيث في عزيمته قبل صحته، وأجبره على الابتعاد عن كرة القدم وخوض حرب شرسة، لكنه في النهاية عاد منتصرًا ومن الباب الكبير.

تجربة فاشلة مع الروسونيري

تبدأ القصة عام 2012، بمدينة ميلانو وتحديدًا في الجانب الأحمر منها، وفي خضم بحث الروسونيري ميلان عن تعويض ثنائي دفاع الجيل الذهبي للروسونيري، أليساندرو نيستا وتياجو سيلفا، بعد تعليق الأول لحذائه واعتزال كرة القدم، ورحيل الثاني لصفوف نادي العاصمة الفرنسية باريس سان جيرمان، فوقع الاخيتار على فرانشيسكو أتشيربي مدافع فريق كييفو فيرونا الشاب الذي كان يقدم مستويات مميزة رفقة فريق مدينة فيرونا.

بكل تأكيد خطوة أكثر من رائعة بالنسبة للاعب شاب يبلغ من العمر 23 عامًا فقط، توسم فيه المدير الفني لأحمر مدينة ميلان في ذلك التوقيت ماسيمليانو أليجري خيرًا، وقام بمنحه رقم 13، وهو القميص الخاص بواحد من أساطير الدفاع في ميلان وإيطاليا بأكملها أليساندرو نيستا.

لكن القدر أبى أن يعطي أتشيربي فرصة تحقيق حلمه والتألق مع فريق طفولته، حيث توفي والده قبل 4 أشهر فقط من إنضمامه لميلان، وهو الذي كانت أكبر أحلامه هي رؤيه إبنه فرانشسيكو بقميص الروسونيري ميلان معشوقه الأبدي، ليصاب أتشيربي بالاكتئاب، وأصبح مدمنًا للكحول الذي بات هو الوسيلة الوحيدة لتسكين آلامه، حتى أنه قال في مقابلة مع صحيفة “لا ريبابليكا” عام 2019:

«بعد وفاة والدي، فشلت في تحقيق حلمه، عندما كنت ألعب لميلان، حصلت على رقم 13 لأليساندرو نيستا، لكني بدلأً من تعويضه وصلت إلى الحضيض، كان الأمر كما لو أنني نسيت طريقة اللعب، أو لماذا كنت ألعب، بدأت أشرب، وصدقوني كنت على وشك التوقف عن ممارسة كرة القدم، لكن السرطان أنقذني، على الأقل كان لدي شيء جديد للقتال ضده، شيء يجب التغلب عليه، كان الأمر كما لو أنني بدأت الحياة من جديد ورأيت العالم بطريقة نسيتها تام».

خاض أتشيربي مع ميلان 10 مباريات فقط خلال 6 أشهر لم يقدم الإضافة المرجوة، ليقوم بالتفريط فيه في يناير 2013 لصالح فريق جنوى.

السرطان يوقف اللاعب

في يوليو 2013 لم يكن يدري فراشيسكو أنه أمام نقطة تحول ليس فقط في مسيرته الكروية ولكن حياته بأكملها، فبعد اتفاق فريق ساسولو الصاعد حديثًا للدرجة الأولى من الدوري الإيطالي، مع ناديه جنوى للحصول على خدماته، وبعد التوقيع على عقد مدته 5 سنوات، وأثناء الخضوع للفحص الطبي الروتيني اكتشف الأطباء إصابة اللاعب بسرطان الخصية!

ليقرر نادي ساسولو بقياده مالكه سكوينزي نقل اللاعب مستشفى سان رافايلي في ميلان للخضوع لفحوصات جديدة والتي أثبت إصابته بالمرض الخبيث، ليخضع بعدها لجراحة إزله الورم لمدة 36 ساعة، تكللت بالنجاح في النهاية.

وخضع فرانشيسكو لبرنامج علاجي مكثف للحد من تجدد الإصابة، حتى تعافى تمامًا، وأصبح جاهزًا لاستكمال مسيرته الكروية، وأعلنت إدارة ساسولو تفعيل عقد اللاعب مع الفريق.

لكن المرض الخبيث باغت اللاعب مرة أخرى في ديسمبر 2013، حيث تم اتهامه بتناولة للمنشطات، لكن اللاعب نفى تلك الإتهامات بأنه الأدوية التي يتناولها قد تكون سببًا في ذلك، ليخضع بعدها لفحص طبي، ليصدم بأن الورم عاد في ذات المنطقة!

لكن ذلك الخبر لم يثبط من عزيمة أتشيربي الذي وافق على مقترح الأطباء بايقاف مسيرته لمدة أربعة أشهر خضع فيها للعلاج الكيماوي.

عودة قوية

ولأن فرانشيسكو كان مؤمنًا بأن كرة القدم هي أفضل وسيلة لقتال السرطان، عاد اللاعب لاستكمال مسيرته مع ساسولو مرة أخرى في مارس 2014، وكانت عودته قوية حيث أصبح أحط أعمدة خط دفاع فريقه.

في موسمه الثاني مع ساسولو أصبح وأحد أفضل المدافعين في الدوري الإيطالي، محققًا رقمًا قياسيًا في الكالتشيو، بعدم تعرضه لأي إصابة على مدار 3 سنوات، حيث كان حاضرًا في كل المباريات الرسمية من أكتوبر 2015، حتى يناير 2019، مشاركًا في 149 مباراة متتالية.

ومع أدائه الرائع لفت أتشيربي أنظار كبار الكاتشيو، حيث انضم لصفوف نسور العاصمة روما، نادي لاتسيو في يوليو من عام 2018، وهناك وصلت مسيرته لأوج توهجها.

حيث خاض رفقة فريق شمال العاصمة الإيطالية روما 135 مباراة، استطاع التتويج خلالهم بكأس إيطاليا لكرة القدم لموسم 2018- 2019، بالإضافة لكأس السوبر الإيطالي 2019 – 2020، وتمكن من المشاركة مع لاتسيو في دوري أبطال أوروبا 2020-2021 والتي نجح فيها تقديم مستويات ممتازة.

فرض فرانشيسكو أتشيربي اسمه على الساحة الكروية الإيطالية كواحد من أقوى المدافعين في الكالتشيو، وكوفئ على ذلك باستدعاؤه لقائمة المنتخب الأتزوري الإيطالي لبطولة يورو 2020، والتي تمكنت كتيبة روبيرتو مانشيني من تحقيق لقبها من قلب ملعب ويمبلي التاريخي في بلاد الإنجليز وعلى حساب منتخب إنجلترا وتحت أنظار أكثر من 90 ألف متفرج.

بعدها قرر اللاعب الرحيل عن لاتسيو بعد دخوله في العديد من الصراعات مع جماهير الفريق العاصمي، وقيام مجموعة “أريدوشبيللي” المؤازرة للفريق برفع بانر في مدرجات ملعب الأوليمبيكو جاء فيه “أتشيربي رجل بدون شرف، غادر العاصمة روما على الفور، لا مغفرة لمن يخون”.

لينضم مطلع الموسم الحالي لصفوف النيراتزوري إنتر ميلان، تحت قيادة مدربه السابق سيموني إنزاجي، الذي قرر الاعتماد عليه في تشكيلته الأساسية على حساب مدافعين مميزين مثل سكرينيار والهولندي دي فراي.

شارك الدوري الإيطالي مع الجراندي إنتر في 43 مباراة في جميع المسابقات، توج خلالها بكأس السوبر الإيطالي، ونجح في قيادة أفاعي مدينة ميلانو لنهائي كأس إيطاليا ضد فيورنتينا، وكذلك نهائي البطولة الأهم دوري أبطال أوروبا لأول مرة منذ 2010 وثلاثية جوزية مورينهو التاريخية، بعد التفوق على الغريم ميلان ذهابًا وإيابًا.

-الإعلانات-

اترك تعليقا

قد يعجبك أيضًا